لقد جعل كوفيد-19 عام 2020 عاماً تاريخياً بامتياز في جيلنا. فبينما ظهر الفيروس لأول مرة في أواخر عام 2019، برزت تداعياته الصحية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية العالمية بشكل جليّ في يناير، مع عمليات الإغلاق والتباعد الاجتماعي و"الوضع الطبيعي الجديد" الذي غيّر ملامح عالم الجمال، والعالم بأسره كما نعرفه.
مع توقف العالم لفترة طويلة، تراجعت حركة البيع بالتجزئة في الشوارع الرئيسية وأسواق السفر بشكل شبه كامل. وفي حين ازدهرت التجارة الإلكترونية، تباطأت عمليات الاندماج والاستحواذ حتى توقفت، ثم انتعشت مع تحسن معنويات السوق وتزايد الحديث عن انتعاش في الأرباع الأخيرة. الشركات التي كانت تعتمد سابقًا على خطط خمسية تقليدية، تخلت عن قواعدها وأعادت تعريف قيادتها واستراتيجياتها للتكيف مع اقتصاد أكثر مرونة وتقلبًا، بينما تلاشت التقاليد وضاعت فرص الشركات المستقلة. أصبحت قطاعات الصحة والنظافة والتقنية الرقمية والرفاهية من قصص النجاح خلال الجائحة، حيث رسخ المستهلكون عادات جديدة ستستمر، بينما تفوقت أسواق المنتجات الفاخرة والأسواق الجماهيرية على الشركات المتوسطة في القطاع مع بدء تعافي سلاسل القيمة العالمية على شكل حرف K.
أشعلت وفاة جورج فلويد شرارة حركة "حياة السود مهمة" وأعادت إحياءها، لتشكل نقطة تحول أخرى بارزة في عام 2020، مما أدى إلى مراجعة شاملة للقطاع ومراجعة قاسية للواقع، الأمر الذي شكّل بدوره منعطفًا جديدًا وغير مسبوق في عالم التجميل. لم تعد النوايا الحسنة والادعاءات الباطلة مقبولة كوسيلة للتغيير الحقيقي، وهو تغيير، لا شك، ليس بالسهل على الشركات التي ترسخت أجنداتها العنصرية. لكنها ثورة تترسخ شيئًا فشيئًا.
إذن، ما الخطوة التالية؟ ما الذي يمكن أن يلي هذا التحول العالمي الهائل الذي فاجأنا به هذا العام؟ في حين أن عام 2020 منح العالم فرصة لإعادة ترتيب أولوياته، كيف لنا كقطاع أن نستفيد من دروسه، ونعيد صياغة خدماتنا، ونبني مستقبلاً أفضل، كما قال الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن؟
أولاً، مع تعافي الاقتصاد، من الضروري ألا تُنسى دروس عام 2020. يجب محاسبة الشركات لضمان ألا يطغى بريق الرأسمالية على الحاجة المُلحة والحقيقية إلى نمو تجاري أخلاقي وأصيل ومستدام، نمو لا يُضر بالبيئة، ولا يتجاهل الأقليات، ويُتيح منافسة عادلة ونزيهة للجميع. يجب أن نضمن أن تكون حركة "حياة السود مهمة" حركةً مستمرة، لا مجرد حدث عابر، وأن لا تكون استراتيجيات التنوع والتعيينات والتغييرات القيادية مجرد شعارات دعائية تُنفذ في أوقات الشدة، وأن تستمر المسؤولية الاجتماعية للشركات، والعمل المناخي، والالتزامات المتزايدة بالاقتصاد الدائري في تشكيل عالم الأعمال الذي نعمل فيه.
لقد مُنحنا، كقطاع ومجتمع، فرصة ذهبية تمثلت في عام 2020. فرصة للتغيير، لتقليص حجم سوقنا المُتشبع بالأفراد والمنتجات، واغتنام الحرية والتحرر اللذين أتاحهما لنا هذا العام للتخلص من العادات القديمة وترسيخ سلوكيات جديدة. لم تكن هناك فرصة أوضح من هذه للتحول التقدمي. سواء كان ذلك من خلال إعادة هيكلة سلسلة التوريد لإنتاج أكثر استدامة، أو إعادة توجيه نهج الأعمال للتخلص من المخزون الراكد والاستثمار في القطاعات الرابحة في ظل جائحة كوفيد-19 مثل الصحة والعافية والتقنية الرقمية، أو من خلال تحليل ذاتي حقيقي واتخاذ إجراءات فعّالة، مهما كان حجم الشركة، للمساهمة في بناء قطاع أكثر تنوعًا.
كما نعلم، يتميز عالم التجميل بقدرته الفائقة على الصمود، ولا شك أن قصة عودته ستكون جديرة بالمتابعة في عام ٢٠٢١. ويُؤمل أن يُصاحب هذا الانتعاش ظهور صناعة جديدة أقوى وأكثر احتراماً، لأن الجمال باقٍ، ولدينا جمهورٌ مُخلص. لذا، تقع على عاتقنا مسؤولية تجاه عملائنا لتسليط الضوء على كيفية توافق الأعمال التجارية الأخلاقية والمستدامة والصادقة تماماً مع النجاح المالي.
تاريخ النشر: 28 أبريل 2021